"عفوا يورجن كلوب.. أنت لست الأفضل"
كتب : محمد عمارة
الأحد، 15 مايو 2022 11:25 ص
في الثامن من أكتوبر عام 2015.. فاجئ ملاك نادي ليفربول الجميع وقرروا تعيين المدرب الألماني يورجن كلوب مديرا فنيا للفريق خلفا لـ الإيرلندي برندان رودجرز الذي ترك النادي الإنجليزي بعد 3 سنوات ونصف قضاها داخل الأنفيلد.
رودجرز الذي كان قريبا جدا من تحقيق لقب البريميرليج الأول لـ ليفربول في موسم 2013-2014 عندما قدم وقتها المدرب الألماني واحدة من أقوى نسخ النادي الإنجليزي العريق بقيادة الهداف الأوروجواياني لويس سواريز الذي حصد لقب هداف الدوري في ذلك الموسم بـ31 هدفا والقائد ستيفن جيرارد الذي تربع على عرش صناع الأهداف بصناعة 13 هدفا وخلفه سواريز نفسه بصناعة 12.. وسجل ليفربول وقتها 101 هدف في ذلك الموسم وهو أفضل موسم تهديفي للريدز منذ موسم 1895-1896 وكان ثالث أعلى موسم تهديفي في تاريخ البريميرليج.. وبعد 11 فوز متتالي و16 مباراة متتالية دون هزيمة وتحقيق انتصارات عريضة بالفوز على توتنهام في الوايت هارت لين بخماسية نظيفة والفوز على الجار إيفرتون برباعية نظيفة واكتساح آرسنال 5-1 والتفوق على مانشستر يونايتد في الأولد ترافورد بثلاثية نظيفة وهزيمة مانشستر سيتي وصيف نسخة 2012-2013 بثلاثة أهداف مقابل هدفين.. خسر ليفربول اللقب في آخر جولتين...وأصبح رودجرز أول مدرب في تاريخ ليفربول يفشل في تحقيق أي لقب في 3 سنوات منذ عام 1950!.
وبعد موسمين.. وجد ليفربول نفسه في شهر أكتوبر يحتل المركز العاشر في جدول ترتيب البريميرليج وبفوز وحيد من 8 مباريات وبتشكيل لا يوجد به سواريز ولا ستيرلينج ولا جيرارد..ليأتي الألماني كلوب والذي كان جالسا في منزله منذ مايو 2015 بعد رحيله عن بوروسيا دورتموند...وفي ذلك الموسم الذي كان يعاني فيه ليفربول الأمرين.. فكان خاسرا من وست هام في أنفيلد بثلاثية نظيفة وخسر أمام مانشستر يونايتد بالثلاثة في الأولد ترافورد واكتفى بالتعادل الإيجابي على ميدانه أمام نوريتش سيتي.. ولكن بعد تدخل كلوب.. كان يلعب ليفربول أول نهائي في كأس الرابطة الإنجليزية منذ 11 عاما ليخسر بركلات الترجيح أمام مانشستر سيتي.. بل أن الأدهش أن هذا الـ ليفربول كان يلعب أول نهائي أوروبي له منذ 2007 متخطيا مانشستر يونايتد وبوروسيا دورتموند ليخسر في نهائي الدوري الأوروبي أمام إشبيلية بثلاثة أهداف لهدف وينهي ليفربول موسم 2015-2016 في المركز الثامن.
وسرعان ما اكتشفت إدارة ليفربول أنها وجدت ضالتها في هذا الألماني الذي عشقته جماهير ليفربول من اللقاء الأول ليجدد كلوب عقده مع الريدز في يوليو 2016 ولمدة 6 سنوات علما بأنه جاء الفريق في أكتوبر 2015 بعقد مدته 3 سنوات.
بدأ كلوب إحلال وتجديد الفريق في صيف 2016 وتعاقد مع الكاميروني ماتيب والسنغالي ساديو ماني والهولندي فينالدوم واستغنى مباشرة عن 8 لاعبين ما بين إنهاء التعاقد والبيع النهائي وعاد ليفربول للمربع الذهبي في البريميرليج للمرة الأولى منذ موسم 2014-2015.
أكمل كلوب رحلته في تغيير ليفربول بالكامل مستكملا الميركاتو في صيف 2017 وضم النجم المصري محمد صلاح ومعه الاسكتلندي روبرتسون والإنجليزي تشامبيرلين قبل أن يضم في يناير 2018 أغلى مدافع في العالم فيرجيل فان دايك في أكبر صفقة في تاريخ النادي مقابل 75 مليون جنيه إسترليني ولكنه خسر كوتينيو بعدها الذي تمسك كثيرا بالرحيل إلى برشلونة ولكنه جلب للنادي 105 مليون جنيه إسترليني.. ولكن ليفربول لم ينافس على اللقب في موسم 2017-2018 واكتفى بالمركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا ولكنه تأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ ليفربول منذ 2007 ليخسر في النهائي أمام الملكي ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف.
كلوب كان يعلم وقتها أنه اقترب كثيرا من تحقيق البطولات مع ليفربول ولكنه كان مقتنعا أنه مازال يجب أن يصرف المزيد من المال ليغيير تماما هوية الفريق الذي تولى قيادته في 2015.. فـ بعد أن بدأ بصرف 62 مليون جنيه إسترليني في 2016.. قرر مضاعفة الأمر في 2017 وصرف 150 مليون جنيه إسترليني.. ليصل في 2018 لصرف 160 مليون جنيه إسترليني وكل ذلك أملا في حلم أول بطولة مع ليفربول والذي وعد بها يورجن كلوب جماهير النادي بتحقيقها بعد 4 سنوات من توليه قيادة الفريق.
وكان له ما أراد.. ومن الباب الكبير.. استطاع كلوب أن يحقق أول القابه مع ليفربول في 2019 بحصد لقب دوري الأبطال في النهائي الثاني له على التوالي.. ليتفوق هذه المرة على حساب توتنهام بثنائية نظيفة ويحقق السادسة في تاريخ ليفربول.. ورغم أنه جاء وصيفا لـ مانشستر سيتي في جدول ترتيب البريميرليج.. إلا أنه حقق ما عجز عنه الجميع.. فـ ليفربول أنهى موسم 2018-2019 بـ97 نقطة كثالث أعلى فريق في تاريخ المسابقة يحقق هذا الكم من النقاط ويصبح أول فريق في تاريخ الدوري الإنجليزي يحصل على 97 نقطة دون أن يحصد اللقب الذي ذهب للسيتي بفارق نقطة واحدة فقط.
توالت الألقاب مع يورجن كلوب في ليفربول بعد دوري الأبطال.. فحقق الفريق لقب السوبر الأوروبي لأول مرة منذ 14 عاما ثم كأس العالم للأندية للمرة الأولى في تاريخ النادي.. ثم جاء ما لم يسبق له مثيل.. جاء اللقب الأغلى والأهم والذي انتظرته جماهير ليفربول سنوات طويلة حتى أيقن البعض أنه لن يحدث أبدا.. فاستطاع كلوب أن يجلب لقب البريميرليج للمرة الأولى في تاريخ الليفر ولقب الدوري الأول للنادي منذ 30 عاما محققا العديد من الأرقام القياسية مثل الأكثر تحقيقا للانتصار في موسم واحد بـ23 مباراة منهيا لقب الدوري قبل 7 جولات كاملة من نهاية المسابقة.
ثم جاء السقوط في موسم 2020-2021.. فخرج ليفربول من ربع نهائي دوري الأبطال وخرج كعادته من الأدوار الأولى في كأسي إنجلترا.. واكتفى بالمركز الثالث في جدول ترتيب البريميرليج متأثرا بإصابات نجومه على رأسهم فيرجيل فان دايك.. ليعتقد الجميع انها نهاية هذا الجيل الذهبي لـ يورجن كلوب مع ليفربول.
ولكن.. سرعان ما بدأ موسم 2021-2022 الذي لم يكن كسابقه للفريق الأحمر.. وسرعان ما أكد كلوب أن لكل جواد كبوة.. وأن العصر الذهبي لليفربول لم ينتهي بعد.. فبدأ بلقب كأس الرابطة الإنجليزية في فبراير الماضي لتكون الأولى لـ الليفر منذ عام 2012 والتاسعة في تاريخ النادي..ثم أضاف لقب كأس الإتحاد الإنجليزي الذي غاب عن خزينة الريدز لـ16 عاما ليجلب اللقب الثامن لـ ليفربول متغلبا على تشيلسي في اللقبين.. ويصبح ليفربول النادي الإنجليزي الأول الذي وصل لهذه المرحلة وهو يحلم بتحقيق الرباعية.. كيف لا.. وهو في نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة مع كلوب في آخر 5 نسخ ولكنه يصطدم بـ العملاق الملكي ريال مدريد محتكر البطولة بـ13 لقبا.. ومازال يصارع أيضاً على لقب البريميرليج أمام كتيبة جوارديولا المرعبة والتي مازالت تجتاح إنجلترا شرقا وغربا بحثا عن لقب البريميرليج الرابع في آخر 5 مواسم.
فـ لا شك أن ما قدمه كلوب مع ليفربول طوال الـ6 سنوات الماضية هو إبهار بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. رحلة ملحمية جمعت 6 ألقاب جميعها جاءت بعد سنوات عجاف طويلة من الغياب عن التتويج لواحد من أهم وأكبر الأندية في إنجلترا.. لقب البريميرليج الأول منذ 30 عاما وكأس الاتحاد الأنجليزي الأول منذ 16 عاما وأبطال العالم للمرة الأولى في تاريخ فضلا عن لقب دوري أبطال أوروبا الغالي والسادس في تاريخ الليفر والأول منذ ملحمة اسطنبول في 2005 مع إمكانية إضافة آخر في 30 مايو القادم.
ولكن.. لك أن تتخيل يا عزيزي أن رغم كل ذلك.. فأن كلوب ليس الأفضل في تاريخ ليفربول ولا الأول ولا الثاني ولا حتى الثالث وربما.
فالأول سيكون بلا شك الأسطورة الإنجليزية بوب بيزلي والذي حقق الجزء الأكبر من تاريخ ليفربول جالبا 20 بطولة مختلفة للريدز في 9 سنوات منها 6 ألقاب دوري و6 أبطال أوروبا.. بينما يأتي خلفه الأسطورة الشهيرة بيل شانكلي والذي جلب هو الآخر 11 بطولة في 15 عاما منها 3 ألقاب دوري.. ولا يبعد عنهما كثيرا "الملك" دالجليش والذي كان شاهدا على واحدة من أزهى عصور الريدز ما بين 1985 إلى 1991 حيث حقق ليفربول وقتها 9 بطولات منها أيضاً 3 ألقاب دوري.
وأخيرا وليس آخرا.. مازال يتبارى كلوب مع الفرنسي جيرار هولييه والذي حقق وحده مع ليفربول 6 ألقاب في 6 سنوات أيضاً ما بين كأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر وكأس إنجلترا وكأس الرابطة ولكن الألماني وبكل تأكيد يتفوق بلقبي الدوري ودوري أبطال أوروبا الأهم والأكبر في آخر 30 عاما من عمر النادي.
والسؤال مازال يطرح نفسه.. هل حقبة كلوب الذهبية مع ليفربول مازال عليها تحقيق مزيد من البطولات لتكون واحدة من أعظم فترات النادي عبر تاريخه.. أم ما قدمه كلوب وكتيبته طوال السنوات الماضية سيبقى شفيعا لهم ومرسخا لدى جماهير الريدز مهما حدث في قادم السنوات..؟