رئيس التحرير يكتب: ثورة 30 يونيو .. عودة الروح للمصريين
كتب : كريم عبد السلام
الخميس، 30 يونيو 2022 03:55 م
كريم عبد السلام رئيس تحرير كورة بلس
اليوم .. مرت تسع سنوات على ثورة 30 يونيو ، الأطفال الذين كانوا تحت العاشرة بقليل أصبحوا شبابا، والمراهقون الذين يتذكرون المشاهد الحاشدة لملايين الثوار فى الشوارع، أصبحوا الآن رجالا ونساء مشغولين بتأمين مستقبلهم ومتابعة أعمالهم وهم ينعمون بالأمن والاستقرار والتطلع إلى المستقبل بخيال محكوم بالثقة، فهل كان يمكن للشباب المشغولين ببناء مستقبلهم أن يحظوا بنعمة الاستقرار والدولة الآمنة لولا ثورة 30 يونيو وما بعدها من حروب خاضتها الدولة ضد المتربصين وقوى الشر وفلول الإرهاب المدعومين غربيا والموظفين سياسيا؟
هل كان يمكن للشباب المتطلعين للمستقبل أن يكونوا فى بلدهم أصلا وليسوا من اللاجئين لولا دماء الشهداء التى سالت والتضحيات الكبرى التى قدمها أبطال القوات المسلحة والشرطة
هل كان يمكن للشباب الآمن فى بلده أن يخطط لمستقبله لولا التحديات الجسيمة التى عبرتها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي؟
لابد أن نتذكر دائما ما كنا أقرب إليه قبل ثورة 30 يونيو وقبل انحياز القوات المسلحة للثوار فى 3 يوليو وما أصبحنا عليه الآن
كانت مؤسسات الدولة مهلهلة وفى حالة ارتباك كامل ولا يستطيع مسئول اتخاذ قرار
كانت الوضع الاقتصادى فى غاية السوء والبلاد على حافة الإفلاس
لم يكن الاحتياطى النقدى يكفى احتياجات البلاد شهرا واحدا
كانت فلول الإرهاب ترتع فى البلاد من سيناء إلى المنطقة الغربية ومن الإسكندرية إلى شلاتين
كانت العصابات الإجرامية تتجرأ على المؤسسات الأمنية وممتلكات المواطنين ، ولم يكن المواطن آمنا على سيارته أو على بيته
خصوصا فى المناطق النائية أو على الطرق السريعة
اعتداءات ممنهجة على الكنائس وتخويف المسيحيين بهدف دفعهم للهجرة وكأنهم ليسوا مواطنين مصريين
أزمات خانقة فى الكهرباء والبوتاجاز والسلع التموينية والخبز
مضاربات مستمرة من تجار العملة للقضاء على العملة الوطنية وسحب تحويلات العاملين فى الخارج
انفلات أمنى كامل أدى لزحف العشوائيات على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة وبناء الأبراج بدون تصاريح وبدون مراعاة للأكواد ولا لسلامة البناء
دولة الإخوان تقدم الإرهابيين وقتلة الرئيس السادات باعتبارهم الأبطال فى ذكرى حرب أكتوبر 1973
كانت الفوضى الشاملة ومقدمة الحرب الأهلية بادية للعيان، ولكن يد الله كانت فوق أيديهم، ترعى المصريين أبناء البلد، وتمنحهم قائدا جسورا هو المشير عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وقت الثورة ، والذى حمل رأسه على كفه وأقسم " والله لن تسقط مصر أبدا"
وكلما تداعت الأخبار بانتشار مشروع الفوضى الخلاقة فى أحد البلاد العربية، وما يتلوه من حروب داخلية وانقسامات وتفتيت للدولة، أعدت على نفسى السؤال المصحوب بحمد الله وشكره على نعمته السابغة: كيف ولماذا نجت مصر من وباء الفوضى الخلاقة ؟
ثورة 30يونيو إذن، لم تكن مجرد ثورة شعبية ضد حكم الاستبداد الإخوانى المرتبط بالاستعمار الجديد فحسب ، بل كانت مشروعا مصريا للنهضة، لاستعادة مصر ودورها الإقليمى العربى والأفريقى وكذا دورها الدولى وهو ما نراه يتحقق وتتضح معالمه يوما بعد يوم.
وقراءة الأحداث القريبة الماضية ضرورة ملحة الآن،أولا حتى لا ننسى ما ممرنا به ونعمل على عدم تكراره ، وثانيا، حتى ندرك ما يجرى فى الحاضر، وما قد يحدث فى المستقبل القريب، لنكون على بينة من أننا على الطريق الصحيح للمقاومة والنهضة، و لا نسقط فى فخاخ شائعات الطابور الخامس القابع فى الداخل والمتمركز على النوافذ المجهولة فى مواقع التواصل الاجتماعى.
ستظل التجربة المصرية فى 30 يونيو وما بعدها مصدر إلهام لعديد من الدول، لأن روح هذه التجربة تعتبر أصدق تعبير عن إرادة شعب فى مواجهة استعمار غربى متجدد من ناحية، وانفجار التخلف الدينى من الداخل من ناحية أخرى، وهما عنصران كثيرا ما صككنا الشعارات الحماسية لمواجهتهما، واكتشفنا أننا قبل 30 يونيو لم نكن جادين فى مواجهة قواعد الإرهاب ولا تجفيف منابعه ولم نكن نمتلك الرؤية الكاملة لإدراك مدى خطره خاصة إذا تم توظيفه من قبل القوى الغربية والاستعمار العالمى الجديد لتقويض الدول المستقرة.
نفس السيناريو كان يراد لهذا البلد لولا أن الله سخر له رجالا يحبونه ويسهرون على حمايته، فكانت قرارات حماية الشعب وثورة 30 يونيو،فى بيان 3 يوليو ، كما كانت الوقفة الصلبة وتلاحم الجيش والشعب بكل فئاته فى وجه المؤامرات الغربية التى تلت 3 يوليو وعزل مندوب الإخوان والمخابرات الأمريكية فى قصر الرئاسة، فتكسرت كل الضربات الاقتصادية والسياسية والمؤامرات التخريبية على صخرة هذا التلاحم بين الشعب وقواته المسلحة، وبدأت قطاعات واسعة من الجماهير تدرك خبايا وأسرار الحروب الذكية والحروب المعلوماتية وحروب السوشيال ميديا ونشر الشائعات والأكاذيب واستخدام الشخصيات العامة والفنانين والإعلاميين فى تشويه النظام والإنجازات.
الآن، الوضع مختلف، المصريون أدركوا ما يراد لهم وتعلموا مما مر بهم ، من العدو ومن الصديق، كما وعوا بالآليات الجديدة للحروب التكنولوجية وتفجير المجتمعات من الداخل، واستخدام مجموعات المرتزقة لإشعال الفتن الطائفية أو نعرات الثأر أو النزاعات الإثنية والقبلية وصولا إلى الحرب الأهلية بالأسلحة الصغيرة، التى لا ينتصر فيها طرف على الآخر، وتحدث تدميرا شاملا يكفى لإسقاط الدول وتفكيكها، كما يحدث حولنا فى كثير من البلاد.
كما تحمل المصريون بشجاعة وفهم عميقين إجراءات الإصلاح الاقتصادى، وما نتج عنه من أعراض جانبية حتمية، وفى مقدمتها غلاء الأسعار، مقدمين مصلحة البلد على مصالحهم الشخصية، وفضلوا التحمل لسنوات قليلة، على أن يمر البلد من كبوة الفوضى والانهيار الاقتصادى إلى آفاق التنمية، بدل أن يجلوا الإصلاح إلى سنوات مقبلة وساعتها لن يكون هناك طريق للإصلاح ولن يتحمل المجتمع الآثار الكارثية للعشوائية الاقتصادية وغياب خطط التنمية والتطوير.
المصريون يتحركون الآن بوعى عميق بمشكلاتهم، وبرغبة راسخة فى عبور أزماتهم، من خلال الالتفاف حول قيادتهم والإيمان بتوجهاتها فى صالح البلد، ولذا فوتوا عشرات الفرص والمناسبات التى حاول من خلالها أعداء البلد وأجهزة المخابرات العدوة إحداث الفوضى، عبر تلوين الأحداث السياسية أو بث الشائعات وتضخيمها أو إعادة إحياء فلول جماعة الإخوان الإرهابية فى النقابات المهنية والمتعاطفين معها من آحاد السياسيين.
إنها روح ثورة 30 يونيو .. عودة الروح للمصريين
وتحيا مصر