محمد صلاح أسطورة ليفربول.. موعدنا في النهائي!
كتب : إيمان جمال
الخميس، 19 مايو 2022 02:35 م
22 يونيو 2017، تاريخًا أصبح مميزًا في تاريخ المصريين، ذلك اليوم الذي شهد انتقال محمد صلاح، إلى صفوف ليفربول الإنجليزي، في صفقة كلفت خزينة الريدز 42 مليون يورو، لتتغير معه كل الثوابت والأحلام لجيل كامل عاش سنوات عمره يتمنى مشاهدة لاعب مصري يُنافس نجوم العالم ويصبح حديث الصحف والجماهير، لم يكن يتوقع أكثر المُتفائلين بأن يُصبح المشوار بهذا القدر من الإنجازات، اعتقد الكثيرون أن البداية ستكون عادية تُشبه أي تجربة مُماثلة للاعب مصري راوده حلم الاحتراف، فخرج متحمسًا يخوض التجربة بدون أي دوافع ودعم يقوده للنجاح، كانت أعظم التوقعات أن ينتقل من الدوري السويسري إلى نادي متوسط يكسر من خلاله الحدود والحواجز ويُعلن عن نفسه ويكتسب قدرًا من التشجيع والدعم من الجماهير، التي بالكاد تتذكره في مباريات المقاولون العرب حين كان يلتقي الأهلي والزمالك في المنافسات المحلية، ولأن حلمه كان أكبر من تلك التوقعات، كانت نقلته أيضًا كبيرة، تليق بمشوار نجمًا آمن بنفسه وقدراته أكثر من غيره، ليصبح بعد أعوام قليلة واحدًا من أفضل لاعبي العالم.
على مدار 5 مواسم نجح خلالهم محمد صلاح في تحقيق ما لم يتوقعه أكثر المتفائلين له، ليصبح واحد من أبرز نجوم العالم بل مُنافسًا قويًا لهم على لقب الأفضل كل عام، بعدما نجح في تحطيم العديد من الأرقام القياسية بمجرد انتقاله للريدز وساهم تألقه الكبير في أول موسم له معهم بالفوز بالعديد من الألقاب الشخصية، وأنهى الموسم الرابع للدوري الإنجليزي الممتاز ووصيف دوري أبطال أوروبا بعد خسارة النهائي أمام ريال مدريد بنتيجة 3-1 في المباراة التي لُعبت في كييف.
لم يتوج صلاح بأي بطولات مع الريدز في موسمه الأول، ولكن على الصعيد الفردي كان عامًا حافلًا بالإنجازات بعد أن فاز بجائزة الحذاء الذهبي، أفضل لاعب في الموسم وجائزة بوشكاش لأجمل هدف، وكان قد استطاع تحطيم أرقام كريستيانو رونالدو الأسطورة البرتغالية ونجم مانشستر يونايتد، وتمكن من إحراز أكثر عدد من الأهداف في موسم واحد للدوري الإنجليزي الممتاز وهو 32 هدفًا في 38 مباراة، بات أكثر من يسجل أهدافًا لليفربول في موسم واحد "في كل البطولات" بمعدل 44 هدفًا، أسرع لاعب في تاريخ الريدز يسجل 40 هدفًا وذلك في 45 مباراة فقط.
حمل الموسم الثاني لصلاح مع ليفربول بعض الذكريات الجيدة أيضًا بعد أن استطاع الفوز بجائزة الحذاء الذهبي مجددًا ولكنه لم ينفرد بها هذه المرة بل تشارك بها مع الثنائي الأفريقي أوباميانج وماني، وفاز بأول ألقابه مع الريدز عقب الفوز على توتنهام في نهائي دوري أبطال أوروبا في المباراة التي أُقيمت بملعب واندا ميتروبوليتانو، وشهدت هذه المباراة حضورًا مميزًا لمحمد صلاح الذي سجل الهدف الأول في النهائي من ركلة جزاء، ليساعد فريقه على الفوز بالبطولة للمرة الأولى منذ 14 عاماً وتحديدًا منذ نهائي أسطنبول الشهير في 2005، والذي يتذكره الجماهير حتى الآن، خاصة أنه حمل ملحمة مُهمة في تاريخ ليفربول، عندما وقفت الجماهير لتصنع مُعجزة حقيقية في 6 دقائق فقط، عزفت خلالهم نشيدهم الخالد وعقيدة ليفربول الراسخة "You'll never walk alone"، وكأن هذه العقيدة تسربت تلقائيًا لحبهم لمحمد صلاح، الذي أصبح أيقونة لعشق الجماهير صغيرًا وكبيرًا الكل يهتف لـ "مو صلاح"، الذي أصبح الحلم الجديد في تاريخ قلعة "آنفيلد".
ساهم صلاح بالتتويج بالبطولة بشكل واضح بعد أن سجل خمسة أهداف وصنع هدفين، ولعل هدفه في مرمى نابولي لن يُنسى أبدًا لأنه كان السبب الرئيسي في تأهل ليفربول إلى الدور التالي بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من توديع دور المجموعات ومن ثم تمكن من تجاوز عقبات بايرن ميونخ، بورتو وبرشلونة ولكنه لم يشارك في مباراة العودة التاريخية أمام "البلوجرانا" في أنفيلد التي انتهت بفوز الحُمر برباعية نظيفة، بعد الخسارة في كامب نو بنتيجة 3-0.
ولم تكن هذه البطولة الوحيدة له مع الريدز، حيث فاز في نفس العام بكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، وفي موسم 2019-2020، كان صلاح أحد أبطال فوز ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى في تاريخه، وفوزه بالدوري بجميع مسمياته لأول مرة منذ 30 عامًا، وواصل نجاحاته مع ليفربول هذا الموسم بالتتويج بكأس الاتحاد الإنجليزي وذلك بعد الفوز على تشيلسي في المباراة النهائية بنتيجة 6-5 في ركلات الترجيح.
بعد كل هذه المسيرة الناجحة التي تُعد الأفضل في تاريخ جميع اللاعبين المصريين، سيكون يوم 28 مايو الجاري، فارقًا في تاريخ "مو صلاح" عندما يكون ليفربول على موعد مع التاريخ عندما يلتقي ريال مدريد الإسباني، في نهائي دوري أبطال أوروبا، تلك المباراة الثأرية التي ينتظرها صلاح ورفاقه منذ نهائي 2018، ليتوج باللقب الذي حُرم منه وحُرم من استكمال المباراة بعد إصابته الشهيرة في هذه المباراة.
الأمر في مصر سيكون مُختلف نسبيًا، بعد كل هذه الأعوام، أصبح لصلاح جمهوره الخاص الذي يشجعه أينما ذهب وأينما كان مهما كان مُنافسه، فهناك عدد كبير من الجماهير أصبحت تُشجع ليفربول من أجل محمد صلاح، إلا أن البعض الأخر من جماهير ريال مدريد، سيشاهدون مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا، مُتمسكًا بانتماءاتهم الخاصة وأحلامهم بتتويج الملكي باللقب للمرة الـ14 في تاريخه، كأكثر نادي متوجًا باللقب في العالم.
قد لا تجتمع الجماهير على تشجيع محمد صلاح في مباراة ليفربول أمام ريال مدريد، ولكن الأكيد أن الجميع سيقف احترامًا وحُبًا وتشجيعًا لمسيرة واحد من اللاعبين الذين أمنوا بأنفسهم وقدروا موهبتهم حق تقديرها حتى نال ما تمنى وأصبح أحد الشخصيات التي تحظى باهتمام وتقدير الملايين حول العالم ليس على المستوى الرياضي فحسب، بل في الأوساط السياسية والرئاسية الخاصة، فقد أنه أصبح "مو صلاح" الذي إذا ذُكرت مصر يتبعها على الفور ذكر اسمه بين جماهير العالم أجمع.. فها هو مُحدث العالمية محمد صلاح الذي ينتظر حلمًا جديدًا على ستاد "دو فرانس" في نهائي دوري أبطال أوروبا.