"خدعوك فقالوا.. بنزيما هو الأفضل" !
كتب : محمد عمارة
الإثنين، 30 مايو 2022 02:29 م
مهلا عزيزي القارئ.. فهذا ليس "كلامي أو كلام أحد مشجعي برشلونة أو أحد الأندية التي لا تحب ريال مدريد".. بل هى كلمات صدرت وبكثرة من مشجعي الريال...بالتأكيد ليس في هذا الموسم.
يمر الوقت سريعا وسريعا جدا في هذا الزمان.. لدرجة قد تجعلك تنظر للسنوات الماضية وتتذكر منها الكثير من اللحظات وكأنها ليست بعيدة ولكن تتأكد بعد ذلك أنها بعيدة وبعيدة جدا.
في 1 يوليو 2009 "أي منذ ما يقرب من 13 عاما".. انتقل الفتى الفرنسي الذهبي كريم مصطفى بنزيما إلى ريال مدريد قادما من ليون الفرنسي مقابل 35 مليون يورو بالإضافة إلى 6 مليون يورو كحوافز.. ورغم أنه كان خبرا سعيدا لكل مشجعي ريال مدريد الذين كانوا يتغزلون في المهاجم الفرنسي المتألق بشدة في ليون والمطلوب في كل أندية أوروبا في ذلك الوقت خاصة وأنه كان يبلغ من العمر 22 عاما فقط إلا أن بنزيما "ولسوء حظه" جاء إلى الريال بعد أيام قليلة من الانتقال الذي يصنفه البعض بالأعظم في تاريخ كرة القدم والأغلى في ذلك الوقت بقدوم كريستيانو رونالدو إلى النادي الملكي مقابل 80 مليون جنيه إسترليني "100 مليون يورو في ذلك الوقت".. فلم يأخذ "الضجة" التي يستحقها لأن الأضواء كانت مسلطة فقط على الـ"رونالدو".
عانى بنزيما بشدة في موسمه الأول مع الريال.. فلم يسجل سوى 9 أهداف فقط وخرج الريال من "الموسم خالي الوفاض".. ثم جاء مورينيو.. وتألق معه بنزيما فسجل 15 هدفا في الليجا و6 أهداف في دوري الأبطال وكان ثاني هدافي ريال مدريد لأن الأول كان كريستيانو الذي سجل وقتها "53 هدفا في الموسم".. حصد كريم أول ألقابه مع الريال بالتتويج بكأس ملك إسبانيا من الغريم التقليدي برشلونة.. وفي موسمه الثالث مع الميرنجي.. انفجر بنزيما وتوهج بشدة.. وسجل 21 هدفا في الليجا و7 في دوري الأبطال في موسم التتويج بلقب الدوري الإسباني الأول للنادي الملكي منذ 4 سنوات هيمن فيها برشلونة "بيب جوارديولا" على إسبانيا بل على أوروبا كلها.. وجاء بنزيما ثاني هدافي الريال أيضاً في ذلك الموسم رغم أنه وصل إلى 32 هدفا في الموسم إلا أن كريستيانو وصل وقتها إلى "60 هدفا في الموسم"!.
تراجع بنزيما في موسمه الرابع مع الريال.. فلم يسجل سوى 11 هدفا في الليجا "نصف أهدافه في الموسم الثالث" واكتفى بهدفين فقط في دوري الأبطال.. ثم رحل مورينيو.. وجاء الكارلو أنشيلوتي بعد أن اشتعلت الأجواء في غرف ملابس ريال مدريد.. ليطفئها أنشيلوتي ويشعلها داخل أرضية الملعب.. حقق كارلو الحلم المنتظر من زمن بعيد للنادي الملكي بالتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخ النادي والأولى له منذ 12 عاما كاملا...وكان بنزيما الذي كان يدخل موسمه الخامس مع الريال مساهما وبقوةفي هذا الإنجاز التاريخي.. فكان صاحب الهدف الوحيد الذي فاز به الريال على بايرن ميونيخ في ذهاب نصف النهائي مسجلا 5 أهداف في دوري الأبطال و17 هدفا في الليجا بينما كان رونالدو يقسو على نفسه لأنه لم يسجل سوى "51 هدفا في ذلك الموسم".
في الموسم السادس.. تراجع كريم من جديد.. فسجل 22 هدفا في الموسم أقل مما سجله بهدفين في الموسم الخامس وكان رونالدو وقتها يواصل تحطيم الأرقام القياسية ويصل إلى 61 هدفا في الموسم الذي اكتفى فيه كريم بالتتويج مع الريال بلقبي السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
استيقظ بنزيما من جديد في موسمه السابع مع النادي الملكي وقدم واحدا من أفضل مواسمه مع ريال مدريد مسجلا 28 هدفا في ذلك الموسم ومحرزا 24 هدفا في الليجا في موسمه التهديفه الأفضل له بالدوري الإسباني منذ انتقاله إلى الميرنجي.. ورغم تألقه في دور المجموعات.. إلا أن بنزيما لم يكن مساهما في تتويج الريال مجددا بدوري أبطال أوروبا تحت قيادة زيدان "مساعد أنشيلوتي" الذي تولى المهمة في منتصف الموسم بعدما ساءت الأوضاع مع كارلو..بينما كان رونالدو المتوهج السبب الرئيسي في ذلك التتويج رغم أن سجله التهديفي سقط من 61 إلى 51 هدفا في الموسم.
أما الموسم الثامن.. فكان موسم "بداية السقوط" لكريم بنزيما بالنسبة لمشجعي الريال الذين انتقدوه كثيرا بعد تراجع مستواه وانحدار مستواه التهديفي الذي وصل إلى 19 هدفا فقط في الموسم.. ولكن لم يكن بنزيما "محور اهتمام وتركيز الجماهير في ذلك الوقت".. لأن موسم 2016-2017 كان تاريخيا بكل المقاييس للنادي الملكي.. وكيف لا.. فهو موسم التتويج الثاني على التوالي بلقب دوري أبطال أوروبا وموسم التتويج بلقب الليجا للمرة الأولى منذ 5 سنوات بجانب الجمع ما بين السوبر الأوروبي والمحلي ولقب مونديال الأندية رغم أن رونالدو اكتفى بتسجيل 42 هدفا في الموسم بينما كان يصل إلى عامه الثاني والثلاثين.
الموسم التاسع.. لم يختلف عن سابقه كثيرا.. بل في الواقع هو أسوأ.. فانهالت الانتقادات على كريم واستمر "زيزو" في الدفاع عن مواطنه ولكن بين الإصابات وفقدان الثقة وسوء المستوى وإهدار الفرص الضائعة بغرابة شديدة مما أدى إلى سخرية واستهزاء العديد من الجماهير.. أنهى بنزيما موسم 2017-2018 بتسجيل 12 هدفا فقط!!.. علما بأنه ذلك الموسم كان للتاريخ بل كان سيظل عالقا للأبد في أذهان الجميع.. موسم تتويج الريال بدوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي والثالثة عشر في تاريخ النادي واستمرار زيدان في تجربته "الإعجازية" مع النادي الملكي في تحقيق الكؤوس والبطولات الواحدة تلو الأخرى مع كريستيانو الذي ظل محافظا على الأربعين هدفا في الموسم هذه المرة بـ44 هدفا إلا أن كتبت النهاية غير المتوقعة والمفاجئة للعالم أجمع برحيل "الدون البرتغالي" عن السانتياجو برنابيو كواحد من أعظم الصفقات التي شهدها عالم كرة القدم.. ويرحل معه زيدان أيضاً الذي كتب "حقبة تاريخية" صعب تكرارها بل يكاد الأمر أن يكون مستحيلا على أي مدرب.
وجاء الموسم العاشر لـ كريم والأول له "بدون رونالدو".. ليرد بنزيما على كل مشككيه ويحقق ما حلم به الشاب الذي جاء إلى الريال في عمر الثاني والعشرين ليكون هدافا للنادي الأعظم في العالم.. فموسم كريم العاشر وهو موسم 2018-2019 كان الموسم الذي احتفل فيه النجم الفرنسي بلقب هداف الريال بتسجيل 30 هدفا منهم 21 هدفا في الليجا رغم أنه كان موسما مؤلما للنادي الملكي الذي أقال فيه لوبيتيجي وسولاري وأعاد فيه زيدان من جديد ولم يحقق فيه النادي الملكي سوى لقب مونديال الأندية
دخل كريم موسمه الـ11 مع الريال بمعنويات وثقة لم يشهدها بنزيما طوال مسيرته مع مدريد.. فكان السبب الرئيسي في تتويج الميرنجي بلقب الدوري الغائب عن خزائنه منذ 3 سنوات بل وحقق وقتها أفضل لاعب في الليجا وحافظ على سجله التهديفي بـ21 هدفا في البطولة ومسجلا 27 هدفا في ذلك الموسم.
لم يكن موسم كريم الـ12 أقل توهجا من سابقه.. بل كان أكثر تألقا وبريقا للهداف الفرنسي.. فرغم خروج ريال مدريد من الموسم خالي الوفاض إلا أنه وصل إلى 30 هدفا في الموسم لثالث مرة فقط في مسيرته مع الملكي.. وتحول كريم "الذي اعتاد على سخرية الجماهير" واستهزاء المشجعين بقدراته أن يصبح فجأة وبدون سابق إنذار إلى "المُلهم" والقائد والوحش والهداف ليطلق عليه محبي مدريد لقب "الحكومة" تعبيرا عن قيمته الفنية والقيادية الحالية للفريق.
ولتعلم يا عزيزي أن الوقت يمر سريعًا ولكن "الصبر دايما ما يكون مفتاح الفرج".. فها نحن الآن في عام 2022.. واتضح أن موسم بنزيما الثالث عشر هو الموسم الذي انتظره طوال مسيرته الاحترافية بل منذ أن كان طفلا يلقبه أصدقائه "كوكو" في أكاديمية ليون الفرنسية.. الموسم الاستثنائي للاعب أثبت للجميع أنه استثنائيا.. كيف لا.. وهو من حمل ريال مدريد طوال الموسم على كتفيه.. هو من ترجى "العجوز" مودريتش للنهوض أمام باريس بكل نجومه "المرعبين".. هو من حفز فينيسيوس البرازيلي ليصبح الموهبة الأبرز في عالم كرة القدم بعد أن كان على بعد خطوة من الفشل في ريال مدريد.. هو كان القبطان الذي أبحر بسفينة الريال المتهالكة أمام أعتد وأقوى "الأعداء" ليواجه المشوار الأصعب في تاريخ دوري أبطال أوروبا وهو يعلم أن إمكانيات فريقه لا تستطع مجاراة باريس سان جيرمان ولا تشيلسي ولن تقدر على الصمود أمام مانشستر سيتي وما يفعله جوارديولا وبالتأكيد لن يكون هناك مجالا للوقوف أمام كتيبة يورجن كلوب "الفتاكة" بعد كل هذا المشوار وفي ظل هذه الظروف.. ولكن البطولات الاستثنائية لا يجلبها سوى حدثا استثنائيا.
فكان بكل سرور "كريم بنزيما".. هداف الليجا والأبطال.. كريم تفوق على نفسه ووصل إلى "44 هدفا في الموسم" كما كان يفعل صديقه السابق "رونالدو".. كريم أخذ حقه بيده من جميع من استهزء وسخر منه.. كريم أخرص من كانوا يقولون "خدعوك فقالوا أن بنزيما هو الأفضل أو حتى واحدا من أفضل المهاجمين".. كريم أثبت للجميع أنه لن يستسلم سوى بتحقيق ما يريد.. الرحلة كانت طويلة وعصيبة و"مرعبة" ولكنها خضعت له بعد بعد 13 موسما كاملا.. عزيزي القارئ.. أنت لم تنخدع.. فـ بالفعل كريم بنزيما هو الأفضل وبكل تأكيد !.