تيفيز.. المشاكس الذي أنقذته كرة القدم من حرب العصابات
كتب : إبراهيم جاد
الأحد، 05 يونيو 2022 12:37 ص
تيفيز
"قررت التوقفت عن اللعب لأنني فقدت المشجع الأول لي، والدي" بهذه الكلمات أعلن النجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز نهاية رحلته مع كرة القدم، والتي كانت مليئة بالصعود والهبوط، وانتهت بدراما تليق بحياته.
وفقد النجم الأرجنتيني والده خلال شهر فبراير الماضي، وهو ما جعل أشهره الأخيرة بقميص بوكا جونيورز صعبة للغاية، حيث أكد: "استيقظت ذات يوم بعد فقدان أبي وشعرت أنه يجب أن أتوقف عن اللعب، لم يعد لدي مقدرة على الاستمرار بعد موت والدي".
تيفيز الطفل الذي نشأ على حافة الضياع:
في حي "فويرتي أباتشي" والذي يُعد أخطر أحياء أمريكا اللاتينية وأشهرها في تجارة المخدرات والسلاح، وُلد طفلًا يُدعى كارلو عام 1984، ليكون أمامه خيارًا واحدًا من بين خيارين في هذا الحي، إما المشاركة في هذه التجارة المشبوهة أو الموت.
ومع تعرض والده لحالة إفلاس وعدم القدرة على تربية أطفاله الخمسة اضطر لبيع أملاكه والعيش في فقر شديد، حتى اضطر في النهاية رفقة والدته للدخول في طريق تجارة المخدرات.
وجاء عام 1989، ليطرق المدرب الأرجنتيني المشهور، نوربرتو بروباتو والذي كان يتولى تدريب ناشئي أولد بويز باب منزل سيجوندو، ويطلب من الوالد السماح للطفل صاحب الـ5 سنوات بالانضمام إلى مدرسة الكرة بالفريق، ليكون طوق النجاة لكارلوس للهروب من الحي الأخطر.
ووصف كارلوس تيفيز حياة الطفولة التي عاشها في حي "فويرتي أباتشي": "في طفولتي، كانت هناك أوقات صعبة، عندما يأتي الظلام تنظر من النافذة فترى مناظر مرعبة، وبعد ساعة معينة لا يمكنك الخروج إلى الشارع مهما حدث،
واستمر تيفيز في وصفه: "كنت أستطيع أن أبدأ بالمخدِّرات كما معظم سكان الحي، ثم ينتهي بي الأمر في القاع، ولكنني عشت طفولة لطيفة، تعلمت منها الاحترام والتواضع والتضحية، وأنتشلتني كرة القدم من هذا الطريق المظلم".
من حرب العصابات إلى بطلًا شعبيًا:
أثبت الطفل كارلوس تيفيز قدراته الفنية وتدرج في المراحل السنية مع أولد بويز ليصبح نجم الفريق الأول، مما دفع بوكا جونيورز التحرك للتعاقد معه، ووضع الآمال بالكامل عليه.
وكان عام 2002 بداية انطلاق كارلوس تيفيز مع الفريق الأول لبوكا جونيورز، ليتحول في ظرف سنة وحيدة فقط إلى نجم الفريق الأول وملهم جماهير البوكا الأول.
وبعد تألقه الملفت، قام نادي كورنثيانز البرازيلي بتقديم عرضًا ضخمًا للتعاقد مع تيفيز من بوكا جونيورز مقابل 15 مليون يورو في عام 2005، لتتحول رحلة الفتي الذهبي تمامًا بعد ذلك ويكون على طريق المجد الأوروبي بعد ذلك.
سنة وحيدة كانت كفيلة بإشعال حماس نادي وست هام للتعاقد مع الفتي الأرجنتيني والرهان عليه رغم المنافسة على الهبوط في الجولات الأخيرة، ليكون تيفيز عند حسن ظن مديره الفني بالفعل.
تيفيز سجل 6 أهداف في آخر 10 مباريات بالدوري الإنجليزي، ساهمت في بقاء المطارق بالدوري، ولعل أهمها الهدف الأخير الذي سجله أمام مانشستر يونايتد في الجولة الأخيرة وضمن بقاء الفريق اللندني.
تيفيز المشاكس والصدام مع فيرجسون:
الأداء الذي قدمه كارلوس تيفيز مع وست هام لمدة موسم ونصف كان كفيلًا بجذب اهتمام مانشستر يونايتد بالتعاقد معه وحصل عليه بالفعل على سبيل الإعارة لمدة موسمين، وبالفعل تمت الصفقة ولمع نجم الأرجنتيني رفقة الشياطين الحمر محققًا العديد من الإنجازات.
وساهم تيفيز بشكل أساسي في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مع مانشستر يونايتد إضافة إلى الدوري الإنجليزي، وتألق بشكل ملفت مع الشياطين الحمر قبل أن يدخل في صدام مع فيرجسون ليبقى حبيس مقاعد البدلاء في الموسم الثاني.
وغير تيفيز ألوانه داخل مدينة مانشستر بعد نهاية إعارته مع الجزء الأحمر، لينتقل إلى الجار مانشستر سيتي وهو مفعمًا بالتحدي بعد صدامه مع أليكس فيرجسون بعد الصدام الأخير.
"تيفيز لن يحقق البريميرليج مع مانشستر سيتي، وإن حدث ذلك فأعلموا أن فيرجسون مات" هكذا علق أليكس فيرجسون على انتقال النجم الأرجنتيني إلى مانشستر سيتي، رافعًا راية التحدي في وجهه.
موسمين فقط كانتا كفيلتين في تحقيق تيفيز لقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي، ليكون البطولة الأولى للسيتي بعد غياب 44 عامًا، ويكسب الأرجنتيني رهانه مع فيرجسون.
ولم يفوت كارلوس تيفيز الفرصة للرد على تصريحات فيرجسون، حيث رفع لافتة أثناء الاحتفال بالدوري الإنجليزي، مكتوب عليها "فيرجسون، أرقد في سلام".
وبعد مسيرة حافلة مع مانشستر سيتي، قرر تيفيز الخروج من أوروبا في رحلة سريعة إلى الصين لمدة 6 أشهر، حيث تقاضى 41 مليون يورو.
وعلق تيفيز على هذه الفترة القصيرة: "الأمر لم يكن من أجل المال، لكنني شعرت بفقدان الرغبة في ممارسة كرة القدم، أردت أن أمضي بعض الراحة مع العائلة في حياة هادئة".
وعاد كارلوس تيفيز لاستكال رحلته في أوروبا عبر بوابة يوفنتوس، والذي واصل معه النجاح وحقق لقبي دوري إيطالي ولقبي كأس إضافة إلى التأهل نحو نهائي دوري أبطال أوروبا.
أرغب في أن أكون بطلًا شعبيًا:
وعلى الرغم من تبقي موسم لتيفيز رفقة يوفنتوس وتمسك النادي الإيطالي باستمراره، لكن الأرجنتيني طلب من أندريا أنيلي شخصيًا السماح له بالرحيل مجانًا والعودة إلى بوكا جونيورز مجددًا.
وعلق تيفيز على قرار عودته إلى بوكا جونيورز، قائلًا: "تلقيت العديد من العروض الأوروبية عام 2015 لكنني اتخذت قراري بالعودة إلى الأرجنتين، كنت أرغب في أن أكون بطلًا لهم".
وبالفعل عاد كارلوس تيفيز وتألق مجددًا على مدار الأعوام الماضية بالقميص الذي ذاب عشقًا به، وكرر مشهده الشهير بالقفز على أسلاك المدرج كما فعل منذ أكثر من 15 عامًا ولكن وجهه تحول من المراهق الصغير إلى المخضرم الكبير.
وأنهى كارلوس تيفيز مسيرته الحافلة في "لا بونبونيرا"، المكان الذي عشقه وارتبط بجماهيره، ليلقبونه بـ"لاعب الشعب"، نظرًا لما مر به من دراما في مسيرته تعبر عن معاناة الشعب الأرجنتيني.
ولعب كارلوس تيفيز خلال مسيرته الاحترافية مع الأندية التي مثلها والمنتخبات الوطنية 683 مباراة، سجل خلالهم 250 هدفًا، محققًا 27 بطولة.
مسيرة ولدت من رحم معاناة لم يتخيل أحد أن ينجح في الهروب منها، وانتهت ببطل شعبي متوج وسط مجاذيب بوكا جونيورز.