رئيس التحرير يكتب: خارطة لإنقاذ الكرة المصرية (2) .. صوت أفريقيا
كتب : كريم عبد السلام
الإثنين، 13 يونيو 2022 03:27 م
كريم عبد السلام رئيس تحرير كورة بلس
فى شهر فبراير من عام 1957 ، تأسس الاتحاد الأفريقى لكرة القدم نتيجة اقتراحات وحوارات مصرية سودانية أثيوبية جنوب أفريقية ، وتولى عبد العزيز سالم " المصرى " رئاسة أول دورة للاتحاد ، وفى أول بطولة قارية فى نفس العام انسحبت جنوب أفريقيا لإصرارها على اللعب بمنتخب من البيض فقط بدون مشاركة أصحاب البشرة السمراء تطبيقا لسياسات الفصل العنصرى آنذاك ، وفازت مصر بالبطولة بعدما تغلبت فى النهائى على أثيوبيا برباعية نظيفة.
وبين عام 1957 وعام 2022 ، جرت فى النهر مياه كثيرة ، وأصبح الاتحاد الأفريقى "كاف" يضم 54 اتحادا أفريقيا لكرة القدم ، وبعدما كانت مصر هى القوة الكروية الأولى فى القارة ، فازت ببطولتى 1957 و1959، ظهرت قوى كروية مؤثرة على مر العقود ،الكاميرون ونيجيريا وغانا والكونغو وكوت ديفوار والجزائر والمغرب،والسنغال وتونس وغيرها، ولم يستطع المنتخب المصرى العودة للتتويج بالبطولة إلا بعد 27 عاما ، فى العام 1986 ، بعد الفوز على الكاميرون بضربات الترجيح(5-4) فى النهائى الشهير المقام فى ستاد القاهرة أمام 95 ألف متفرج .
صحيح أن المنتخب المصرى حتى الآن هو الأكثر تتويجا بكأس الأمم الأفريقية بسبعة بطولات من بين 33 بطولة ، منها الثلاثية الشهيرة فى عهد المعلم شحاتة (2006- 2008-2010)، لكن القائمة تضم أيضا الكاميرون (5 بطولات) ، غانا ( 4 بطولات) ، نيجيريا ( 3 بطولات) والجزائر وكوت ديفوار والكونغوالديموقراطية (بطولتان) ، وأثيوبيا والسودان وزامبيا وتونس وجنوب أفريقيا والمغرب والكونغو برازفيل والسنغال ( بطولة واحدة)
الفوز ببطولة الأمم الأفريقية ليس العامل الحاسم فى صناعة الكرة الأفريقية رغم أهميته ، ورغم أن سجل البطولات هو الباقى فى التاريخ ، لكن هناك عوامل كثيرة ، وراء التطور الهائل للكرة الأفريقية خلال العقود الستة الماضية، جعلت التصفيات المؤهلة لنهائيات الأمم الأوربية مسألة صعبة ، كما جعلت مواجهة أى منتخب أفريقى مسألة لا يمكن حسم نتائجها مسبقا ، كما جعلت حسم اللقب فى أى نهائيات أفريقية أمر أقرب للتمنيات ، فالمنطقى بحكم التاريخ ، وبحكم سجلات البطولات القارية وبطولات الأندية داخل القارة ،أن يكون المنتخب المصرى مرشحا للعب النهائى الأفريقى فى كل بطولة مثلما يتم ترشيح البرازيل لحصد لقب المونديال قبل انطلاقه، لكن هذا لا يحدث
لماذا؟
الإجابة ، بسبب التطور الكبير للكرة الأفريقية استنادا إلى عنصر واحد من عناصر كرة القدم ، ألا وهو فتح المجال واسعا لتصدير الناشئين الأفارقة للدوريات الأوربية وغيرها من الدوريات حول العالم، وتقديم كل التسهيلات للمدارس الرياضية والأكاديميات الرسمية التابعة للأندية العالمية الكبرى ، لتفتح أبوابها على الأراضى الأفريقية ، الأمر الذى يصنع قاعدة كبيرة جدا من اللاعبين الأفارقة المحترفين فى كل الدوريات
ماذا يعنى أن يكون لك قاعدة من المحترفين تتجاوز الألف لاعب بينهم أكثر من 60 لاعبا محترفا فى أهم الدوريات الأوربية ( السنغال مثلا ) ؟
- معنى ذلك أن القوام الأساسى للمنتخبات الوطنية متاح بجودة عالية ولكل لاعب أساسى فى مركزه أكثر من بديل
- اكتساب لاعبى المنتخبات الوطنية المعايير البدنية القياسية ، فلا نجد اللاعبين يتساقطون مصابين فى المباريات الدولية والبطولات
- اكتساب لاعبى المنتخبات الوطنية الكثير من التكتيكات والحلول من مدارس تدريبية راقية
- تطوير مهارات لاعبى المنتخبات الوطنية وصقل مواهبهم الفطرية ليصبحوا من المستوى الأول
- اكتساب لاعبى المنتخبات الوطنية الانضباط داخل وخارج الملعب ، بما يعود إيجابا على النتائج المتحققة
- اكتساب لاعبى المنتخبات الوطنية روح المنافسة فى البطولات الكبيرة ومواجهة أى خصم مهما كان حجمه ، فالأندية التى يلعبون بها منتخبات مصغرة تواجه مباريات فاصلة طوال الموسم
إذن ، التطور الكبير للمنتخبات الأفريقية بدون استثناء يأتى من السماح بتصدير اللاعبين صغار السن بمبالغ زهيدة وفتح الباب أمام المدارس والأكاديميات الرياضة للعمل فى أفريقيا ، لأن العائد الضخم فى النهاية سيكون للبلدان الأفريقية، وهذا ما كان وما نراه بعيوننا فعلا الآن ونتكاسل عن فعله.
السؤال الآن ، هل يمكن أن نلحق بأفريقيا فى التعامل مع عنصر تصدير الناشئين المصريين للعب فى دوريات العالم ، وفتح الباب للمدارس والأكاديميات العالمية للعمل على واكتشاف المواهب فى مصر؟