فاجنر مدرب الأهلي المحتمل.. مشروع "مدرس" وصاحب معسكر "البقاء على قيد الحياة"
كتب : إبراهيم جاد
الثلاثاء، 21 يونيو 2022 04:09 م
فاجنر
"كنت على وشك الانتهاء من دراستي للعمل كمدرس، لكنني شعرت أن هناك شيئًا ينقصني، أيقنت أن كرة القدم أسرتني وكانت القوة الدافعي لي من أجل الحياة" هكذا علق المدير الفني الألماني ديفيد فاجنر عن عودته إلى كرة القدم مجددًا بعد الاعتزال، بتصريحات تعبر عن شغفه الكبير بكرة القدم.
وعلم "Kora Plus" أن النادي الأهلي قد دخل في مفاوضات جادة مع المدير الفني الألماني ديفيد فاجنر لخلافة بيتسو موسيماني على رأس القيادة الفنية للفريق الأول، طالع التفاصيل من هنا.
ويمتلك ديفيد فاجنر مسيرة مليئة بالتقلبات، تارة يصل إلى نجاحات غير متوقعة وتارة أخرى يسقط سقوطًا مدويًا، ولكن الأهم أنه يمتلك فلسفة واضحة وهو أنه يرغب في حل جذري للمشكلات التي تواجهه مع كل محطة يصل إليها، ولا يرضى بالحل الوسط.
صداقة وطيدة مع كلوب:
"شخص ما، لا اتذكر من هو، وضعني في غرفة واحدة مع فاجنر أثناء تواجدنا مع ماينز، ومن هنا كانت بداية صداقة وطيدة ستستمر لمدى الحياة، صداقة أقرب إلى الأخوة" هكذا وصف يورجن كلوب صداقته مع ديفيد فاجنر والتي بدأت في عام 1991، واستمرت حتى الآن.
ديفيد فاجنر كان ينشط في مركز رأس الحربة الصريح حينما كان لاعبًا، بدأ مع أنترخت فرانكفورت في عام 1990 قبل أن ينتقل إلى ماينز بعد ذلك بموسم وحيد -حيث بدأت صداقته مع كلوب- واستمر هناك 4 مواسم، قبل أن ينتقل إلى المحطة الأكثر نجاحًا في مسيرته، شالكة بين عامي 1995 إلى 1997.
وحقق فاجنر بطولة كأس الاتحاد الأوروبي مع نادي شالكة، لتصبح البطولة الوحيدة له في مسيرته كلاعب، إذ لم تكن مسيرته كلاعب كرة قدم ناجحة بشكل كبير سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
استمرت مسيرة فاجنر كلاعب كرة قدم حتى بداية موسم 2004-2005، حينها قرر التوقف عن لعب كرة القدم، بل أنه رفض عرضًا للانضمام إلى الطاقم الفني للفريق الأول لدارمشتات، مفضلًا الابتعاد تمامًا عن كرة القدم بعد الاعتزال.
وفسر فاجنر بعد ذلك سبب رفضه عرض دارمشتات للانضمام للجهاز الفني: "الشئ الوحيد الذي فكرت به حينها أن أحصل على وظيفة، والتفكير كان أن أصبح مدرسًا حتى أساهم في إخراج جيل جديد، إضافة إلى ضمان عمل حكومي ثابت لا يمكن طردي منها، العمل نصف يوم وكم كبير من الآجازات لاستمتع بحياتي".
لا يمكن الاستغناء عن كرة القدم:
استخدم يورجن كلوب صداقته مع فاجنر لأول مرة في مسيرته بشكل مؤثر، إذ طلب منه أثناء خوض الامتحانات النهائي للحصول على الدرجة العلمية التي تؤهله للعمل كمدرس أن يقدم للحصول على الرخصة التدريبية UEFA Pro، وبالفعل قام ديفيد بتلك الخطوة على الفور.
بعد أن حصل على الرخصة التدريبية، سمحت الفرصة لفاجنر أن يعمل مدربًا لفريق الشباب بهوفنهايم -بتوصية من كلوب أيضًا- واستمر بها لمدة عامين، قبل أن يقرر مجددًا الاتجاه إلى تجهيز نفسه للعمل كمدرس ومواصلة دراساته للوصول إلى ذلك.
وحينما أصبح فاجنر على وشك الحصول على الدرجة العلمية التي عمل للوصول لها لسنوات، تدخل كلوب مجددًا، حيث قال فاجنر: "ابتعدت 3 أعوام عن كرة القدم وكنت أركز على دراستي العلمية لأصبح مدرس وكنت على وشك الحصول على هذه الشهادة، لكنني شعرت أن هناك شيئًا ينقصني، أيقنت حينما أن كرة القدم أسرتني وكانت القوة الدافعة لي من أجل الحياة".
وبالفعل عاد فاجنر إلى مجال التدريب مجددًا في عام 2011 لكن بدون رجعة هذه المرة، والبداية جاءت بعدما تولى تدريب الفريق الثاني لنادي بوروسيا دورتموند "الرديف"، وظهرت إمكانياته الكبيرة على مدار 4 مواسم له.
ومع انتقال يورجن كلوب إلى قيادة ليفربول، انتشرت العديد من الأخبار التي تشير بأنه سيستعين بفاجنر كمساعد له، لكن المدير الفني الصاعد -حينها- قرر أن يشق طريقه وحيدًا في إنجلترا أيضًا، لكن في الشامبيونشيب.
بداية الانطلاق:
وصل فاجنر إلى هدرسفيلد، وكان الفريق ينافس على الهبوط في الشامبيونشيب، وبقاءه أشبه بالمعجزة في ظل الموارد الضعيفة للنادي، لكنه حقق المستحيل ونجح في الهروب من الهبوط بنهاية موسم 2015/2016.
وتحدث فاجنر عن بدايته مع الفريق: "اجتمعت مع الجهاز المعاون لي قبل انطلاق المهمة، واتفقنا أننا يجب علينا إحداث ثورة ضخمة وحلول جذرية، الحل التدريجي لن يفيد وبالفعل قمنا بذلك، عدلنا وقت التدريبات ليلائم مواعيد المباريات وأجبرنا كل اللاعبين على العيش حول مقر التدريبات لتقليل مدة التنقل، وأكثرنا من الجلسات الثنائية مع اللاعبين مع فرض إلزامية تجمع اللاعبين يوميًا لعدة ساعات من أجل زيادة التعاون".
بعد البقاء في الشامبيونشيب، قام هدرسفيلد بالتعاقد مع 17 لاعبًا معظمهم مغمورين نظرًا لضعف ميزانية النادي، وهنا جاء دور فاجنر لخلق فريق متكاتف وقادر على المنافسة ضمن منظومة جماعية حتى مع ضعف الموارد.
قرر فاجنر في فترة الإعداد أن يأخذ الفريق ككل والجهاز الفني في معسكر -بدون كرة- في غابات السويد، أطلق عليه بعد ذلك "معسكر البقاء على قيد الحياة"، وكانت خطة معسكر الإعداد البقاء لمدة 4 أيام في الخلاء مع القيام بطهي الطعام بأنفسهم مع عدم وجود غرف أو أي شئ، وعدم وجود أي شئ يتعلق بكرة القدم.
وعند سؤال فاجنر عن سبب هذا المعسكر، أكد: "كنت أرغب في أن يكون الفريق وحدة واحدة داخل وخارج الملعب، إيجاد روح التعاون والمشاركة بينهم، لا وجود لأسرة أو ترفيه أو حتى مراحيض فقط الجلوس سويًا والتجديف في البحيرة للحفاظ على اللياقة البدنية".
وجاء الموسم التالي (2016/2017)، والذي يعد هو الأول له منذ البداية وبموارد كانت بين أقل 5 موارد في البطولة، ليأتي معسكر "البقاء على قد الحياة" أُكله، ويتمكن فاجنر من قيادة هدرسفيلد لصناعة المعجزة والتأهل إلى البريميرليج، متخطيًا كل التوقعات له مع الفريق الإنجليزي الصغير.
وخلال أول مواسمه مع هدرسفيلد في الدوري الإنجليزي الممتاز، تمكن فاجنر من قيادة الفريق للبقاء بين الكبار بطريقة رائعة بعد التعادل مع تشيلسي ومانشستر سيتي -بطل البطولة- في الجولات الأخيرة ليضمن البقاء في البريميرليج.
نصف موسم أخرى كانت الأخيرة له مع هدرسفيلد بعد تذبذب النتائج والسقوط في دوامة الهبوط، ليرحل فاجنر عن تدريب هدرسفيلد بعد تجربة وصفها الجميع بالناجحة للغاية نظرًا لما حققه مقابل ما تم توفيره له.
وتحدثت صحيفة "ذا جارديان" عن تجربة فاجنر في هدرسفيلد قائلةً: "لقد ترك علامة إستراتيجية لا تصدق في تاريخ هذا النادي، بميزانية بلغت فقط 11 مليون إسترليني، ليحدث ثورة ويصنع المعجزات معتمدًا على تطوير اللاعبين".
سياسة فاجنر:
بعد التجربة الأولى له كرجل أول، كشف فاجنر عن استراتيجيته في إدارة الفريق كمدير فني، قائلًا: "المدرب لا يكون مسئولًا عن نفسه فقط، بل إنه يكون مسئول عن الفريق ككل، يجب خلق تفاهم وتعاون بين أعضاء الفريق بالكامل، هناك شخصيات مختلفة من اللاعبين ويجب عليك أن تتمكن من التعامل معهم جميعًا في نفس الوقت بطرق مختلفة".
وواصل فاجنر: "هناك لاعب تصل له المعلومة من مرة واحدة فقط من الشرح، وآخر يأخذ الأمور على عاتقه ويحتاج إلى معاملة لينة لفهم الأمر، وثالث يحتاج إلى تكرار الأمر أربع أو خمس مرات حتى يتعلم، يجب عليك أن تتعامل مع كل شخصية بما يتناسب معها، لتكسب المجموعة ككل".
وكشف أحد لاعبي فاجنر أثناء بداية مسيرته مع رديف دورتموند، مصطفى أميني عن شخصية المدير الفني الألماني، قائلًا: "شخصيته كانت قوية للغاية، أتذكر في إحدى المباريات ارتكبت خطئًا قد حذرني منه أكثر من مرة، لأجده يدخل إلى أرض الملعب ويصرخ في وجهي بطريقة مرعبة، لقد كان صارمًا للغاية وإن لم تنفذ ما يطلبه منك، ستعيش لحظات صعبة أمام صراخه".
وواصل أميني: "في مناسبة أخرى وأثناء إحدى فترات الإعداد خسرنا من فريق ينشط في الدرجة الرابعة وقدمنا أداءً سيئًا ومستهترًا للغاية، لنجده يطلب منا الحضور إلى مقر التدريبات في الرابعة صباح اليوم التالي، ونركض أكثر من ساعة ونصف كاملة باستخدام كرات طبية".
العودة إلى البوندسليجا:
بعد الرحيل عن هدرسفيلد جاءت مهمة العودة إلى البوندسليجا مجددًا، لكن عبر بوابة شالكة والذي كان يمر بفترة عصيبة مهددةً بشكل مستمر بالهبوط إلى الدرجة الأدنى وترك الدوري الألماني الممتاز.
بدأ فاجنر مسيرته بشكل جيد للغاية بعد الفوز بأربع مباريات وتعادل وخسارة وحيدة في أول 6 جولات، ولكن بشكل مفاجئ هبط أداء الفريق بشكل ملحوظ ودخل ضمن المنافسة على الهبوط قبل أن تأتي جائحة كورونا وتزيد الأمور صعوبة.
حارب فاجنر رفقة شالكة للهروب من دوامة الهبوط، ولكن على الرغم من إنهاء الدوري بعدم الفوز في 16 مباراة على التوالي، نجح شالكة في البقاء بالبوندسليجا والوصول إلى المركز الـ12.
وانطلق الموسم التالي لنادي شالكة بطريقة مخيبة بتحقيق انتصارين فقط من أصل 18 مباراة، ليقرر النادي الألماني الإطاحة بفاجنر بعدما فشل في إحداث الثورة التي قام بها في إنجلترا مع هدرسفيلد هناك في ألمانيا.
وأوضح فاجنر رأيه في تلك الفترة وصعوبتها: "العمل في نادٍ مستقر أمرًا مهمًا للغاية، كل شئ كان فوضويًا في شالكة، ديون متزايدة ومشاكل بين الإدارة والجماهير، المالك يتغير والمدير المالي يتغير، لقد كنت جزءً في سوء النتائج لكنني لم أكن المتحكم في الجزء الأكبر".
البحث عن الاستقرار والمشروع:
بعد فشل فاجنر في تجربته بالدوري الألماني مع شالكة، قرر المدير الفني الألماني النزول نسبيًا بمستوى المنافسة التي يخوضها منتقلًا إلى يانج بويز في الدوري السويسري بشهر يوليو من عام 2021.
وفسر فاجنر ذلك قائلًا: "أردت أن أكون في مكان مستقر به أشخاص يثقون بي وأشعر بالأمان وسطهم، لم أهتم أن أكون في إحدى الدوريات الكبرى بل بالوجود في مكان مستقر وطَموح".
وأتم فاجنر تصريحاته: "أنا أرحب بفكرة النزول إلى دوري أقل في سبيل الفوز بالألقاب والعمل في بيئة مستقرة وإدارة وجماهير تثق بي، وهذا سبب اختياري يانج بويز".
ولم تستمر مسيرة فاجنر مع يانج بويز سوى 8 أشهر فقط، حيث رحل عن تدريب الفريق في شهر مارس من العام الجاري 2022، وبقى بدون نادي منذ ذلك الحين، ليؤكد أننا أمام مدرب مسيرته متأرجحة بين النجاح الكبير في البداية وعدم الاستقرار في النهاية.